zondag 17 november 2013


الوفاء لدماء الشهداء يحتّم إستمرارية الثورة





شباب في عمر الزهور قصفت أعمارهم آلة القتل الإنقاذية. بعضهم لم يكن قد جاء الى الحياة بعد حين دقت مارشات إنقلاب الموت والدمار. حين جاء الربّاطة الى الحكم، كان أطفال السودان يجدون الحد الأدنى من الرعاية الذي تفرضه القوانين والأعراف في الدول التي تحترم مواطنيها. فالدولة لم تنشأ عبثا بل لتكون في خدمة المواطن وهو الأصل. جاءت دولة الربّاطة المتأسلمة بمفهوم جديد ما أنزل الله به من سلطان: المواطن في خدمة الدولة! تطارده في رزقه ومعاشه بل وحتى في روحه، ترسله ليقاتل في حروبها العبثية التي لم تستهدف يوما وحدة التراب بل تقسيمه.

حين جاءت الإنقاذ لتنقذ الناس من الحياة، كان أطفال السودان يجدون الرعاية ويدرسون في المدارس مجانا، ويدخلون جامعة الخرطوم مجانا، فكسبت بلادنا عقولا أسهمت في رحلة التطور قبل أن تتلقفها المهاجر في سنوات تيه دولة الرباطة. كانت الدولة فقيرة ومواردها محدودة، لكنها لم تكن أبدا دولة سماسرة. كانت توجه جل إهتمامها نحو المشروعات الزراعية التي قام عليها إقتصاد هذا البلد منذ القدم. كان كل شئ يسير ببطء لكنه يسير الى الأمام وكان مجتمعنا يتعافى أيضا ببطء من مخلفات القبيلة والجهة والطائفة .ويسير بفضل وعي الأجيال الجديدة نحو الإنعتاق من قيودها الى فضاء المواطنة الرحب ودولة القانون.

لكن الربّاطة الذين لا تنتعش أوهامهم الا في الظلام، وثبوا الى الحكم بالخديعة، وسعوا منذ اللحظة الأولى لتدمير كل شئ. فأعادونا الى ما وراء الصفر، الى عقلية القبيلة وأشرعوا سيوفهم في مواجهة كل تيار للوعي. وبدلا من مؤسسات المجتمع المدني الحديثة التي سعوا الى تحطيمها، والتي تحمي حقوق المواطن وتسهم في توعيته، أعادونا الى حضن القبيلة. لم يكن لهم من هم منذ لحظة مجيئهم المشئوم سوى أن يحافظوا على الكرسي حتى وإن ذهب وطننا الى الجحيم، وتفرقنا أيدي سبأ. وحين تنامت موارد الدولة لم يوجهوا المال لتنمية العقول وخدمة الأجيال الجديدة التي ستحمل أمانة الوطن. وجهوا كل مورد الى شراء البنادق التي يوجهونها الى صدورنا، وإستشمروا بقية المال في حياتهم الدنيا، الدنيئة.

الشهيد هزاع ورفاقه لم تقدم لهم الانقاذ شيئا ، لا مؤسسات تعليمية محترمة ولا خدمات صحية وعلاجية. هؤلاء الشباب الواعد الذين هم عماد المستقبل وعماد الدول المحترمة التي تمضي في مسيرة تطورها بفضل عقول وسواعد أبنائها. لم تقدم لهم حكومة الربّاطة سوى الإهمال و الموت.

دماء هؤلاء الشهداء تفرض علينا أن نواصل المسيرة حتى نقتلع الربّاطة من أرض السودان، لنعيد شعلة الأمل التي إنطفأت، الى أجيالنا والى وطننا.