vrijdag 19 december 2008

لا حاجة بنا لرجال الشرطة!!

قصة قصيرة






يضع أبو الحسن المدرس المتقاعد ساقا فوق ساق وهو يجلس فوق صخرة أمام بيته يرقب الناس التي تمر من أمامه في عجلة. قبل أيام حصل علي معاشه. المعاش قليل ولن يكفي لكي يبقي علي قيد الحياة، سيضطر للكتابة لابنه الاكبر الذي هاجر منذ سنوات ليساعده ببعض المال. الشئ الوحيد الذي يجعله يشعر ببعض السعادة كان هو تفرغه لنزاع علي قطعة أرض صغيرة مع جار لهم . قبل أشهر قام الجار بقطع غابة صغيرة في الارض المتنازع عليها وباعها لمصلحته.

يضحك الاستاذ أبو الحسن قائلا بصوته الجهوري: سأجعل هذا التافه يكره اليوم الذي ولد فيه!

يضحك بدون مناسبة أثناء كلامه ويتحدث مع الناس والجيران وكأنهم تلاميذ: هذا صحيح أنت تتحدث بلغة واضحة وصحيحة، لكن ينقصك بعض الثقة بالنفس، يضحك بدون سبب، ويواصل: كان لدي تلميذ يعاني من نفس مشكلتك، حين يحاول شرح أمر ما يزيد الأمر تعقيدا بسبب لغته السيئة وتهاونه في استخدام الكلمات المناسبة، يضحك بصوت عال، يا لها من مهزلة، إنه كسول جدا يستخدم أول كلمة تخطر علي باله، حتي وان لم يكن لها علاقة بما يريد قوله، يضحك مرة اخري ويسحب نفسا من سيجارته ويقول: في زماننا ما كان يمكن لأحد ان يتساهل في أمر كهذا، الان تحولت المدارس الي متاجر تبيع للناس أي شئ الا العلم الصحيح، يضحك.. وحين يقول شخص ما الحقيقة، يرسلون له خطابا من سطرين، كأنهم لم يتذكروا أنه بلغ سن المعاش الا حين بدأ لسانه ينطق في الاتجاه المعاكس، يضحك بصوت جهوري، أي تلاميذ هؤلاء، طلبت من ولدي الذي يدرس في مدرسة ثانوية ان يكتب لي عريضة قبل ايام لنقدمها لمدير الشرطة، حول الاشجار التي قام هذا البائس بقطعها وبيعها، لقد كتب رسالة تصلح لحبيب، يضحك بصوته الاجش، كيف لنا أن نخاطب مدير الشرطة بعبارة تقول : نحن بخير وما بنا غير الشوق اليكم، انها مهزلة، كيف يشتاق أحدهم لرجال الشرطة؟!، لا بد أنه يشتاق ايضا لارتكاب جريمة ما! يضحك بصوته الجهوري، ولدي ليس سيئا لكن نوع التعليم الذي يتلقاه هو المسئول عن ذلك، يضحك بصوت أجش، وحين يقول لهم شخص ما الحقيقة يحيلونه للصالح العام، كأن مشاكل العالم كلها ستحل مجرد أن أجلس أنا أمام بيتي دون عمل!

ينتهز احد الجيران فرصة أن ابو الحسن انشغل بجذب نفس طويل من سيجارته وقال: وهل قامت الشرطة بحل المشكلة؟

ضحك ابو الحسن وقال: تسلم مدير الشرطة العريضة وقال انه سيري ما يجب عمله، هل يجب ايضا ان نعلمهم كيف يقومون بعملهم، مضت عدة ايام ولم يحرك ساكنا، هل سرقة غابة عمل مشروع؟ يضحك بصوته الجهوري، لابد ان تلك المقولة صحيحة، اسرق شيئا صغيرا تقبض الشرطة عليك، أسرق شيئا كبيرا جدا تحرسك الشرطة! لكن هذا الشرطي يغامر بمستقبله، يضحك بصوت أجش ينفجر في الهواء في دوائر زلزالية مثل الرعد: سيري كيف أتعامل مع اهماله لمصالح المواطن، سيدفع ثمنا باهظا، سأشكوه لرؤسائه وسأطلب نقله الي نقطة في الصحراء حيث لن يجد أحدا يكلمه سوي الجن، أحد تلاميذي الاوفياء وصل الي رتبة اللواء، لا أدري كيف استطاع الوصول الي ذلك بهذه السرعة، انه صغير جدا، يضحك بصوته الاجش، أتذكر كيف كان مشاغبا في الفصل وكان يسرق أحيانا، وضع يده علي جبهته كمن يتذكر شيئا وقال: ليس أحيانا لقد سرق عدة مرات ، كان يسرق الاوراق والاقلام وثمار الدوم من زملائه ومرة تجرأ وسرق جرس المدرسة نفسه، يضحك، يا له من مشاغب عنيد، استدلينا علي الجرس من رنينه، بعد ان وصل الي البيت لم يتوقف عن قرع الجرس حتي حضرنا لاستعادته، أوقف اخوته الصغار في صف مدرسي مستخدما الجرس وكان يجلدهم برفق علي اخطائهم الصغيرة أثناء الطابور، غريب ان مشاغبا مثله كان يحاول تطبيق نوع من النظام في بيته، يضحك، وفجأة يصبح لواء في الشرطة، يا لها من مهزلة! لابد أن احد اقربائه ساعده للوصول الي هذا المكان، يضحك بصوت جهوري، لن أقبل اية مساومة في مسألة الغابة،إنها مسألة مبدأ، سأطلب احضار كل الحطب الذي قام هذا المخادع بقطعه، قطعة حطب واحدة ناقصة ستعني مشكلة كبيرة وسيذهب مدير الشرطة الي الصحراء، سيذهب مدير الشرطة الي الصحراء، يضحك ويردد كلمة الصحراء عدة مرات كأنما ليوحي بأن له مقدرات تحيل السهول الخضراء الي صحاري جرداء.

يستغل جار اخر صمته المفاجئ ويقول : لكن الحطب تم بيعه كله!

سيكون ذلك من سوء حظه، أعرف شخصا اخر يعمل في مصلحة المساحة، كان تلميذا نظيفا يهتم بملابسه ونظافة جسمه، الوحيد الذي كان يستحيل أن تجد في شعره قملا، بقية التلاميذ كان يمكن مشاهدة القمل يسير في رؤوسهم في خطين أشبه بشوارع الاسفلت، يضحك بصوته الاجش، لكنه كان سيئا في دروسه،، يضحك، يجهل تماما كيف يتعامل مع الارقام، لا يحفظ شيئا ولا حتي بالعصا، لقد أسديت له معروفا كبيرا، يضحك قائلا بحيث بدت العبارة جزءا من بقايا ضحكته التي تناثرت في الهواء مخلفة في المكان شعورا بالفوضي: يا له من مغفل، كنت لا أضربه أبدا حين يرتكب الاخطاء يوميا، كنت أقول له: لا فائدة من ضربك ، الضرب في الميت حرام!لو كان يود إحراز تقدم في مستواه لكان جديرا به أن يطلب منا ضربه طوال اليوم! الان حان الوقت ليرد لي هذا الجميل، لقد كان نحيلا جدا وما كان بوسعه تحمل الضرب! مرة واحدة أقدم مدرس اخر علي ضربه، هل تعرفون ما فعل، يا للمهزلة، يضحك بصوت أجش: لقد تبول في ثيابه! كانت ستحدث كارثة، الان أحتاجه، لا استطيع أن أذّكره بماضيه لكنني قطعا سأضحك حين أراه وقد أصبح مسئولا كبيرا، سأتذكر لوحدي كيف كان موقفه سيئا والسائل الساخن يتدفق من ثيابه! لا أدري ما هي العلاقة بين البول ومصلحة مهمة مثل المساحة، أصبحت كل الاشياء قذرة!

يضحك، لا اعرف كيف استطاع النجاح وان يصبح موظفا مرموقا في مصلحة المساحة!لابد انه يعرف شخصا ما ساعده في الوصول الي تلك الوظيفة! سأطلب منه أن يعيد مسح هذه الارض ويعيدها لي لصاحبها الحقيقي ويذهب معي الي المحكمة حتي يدفع لي هذا البائس تعويضا عن السنوات التي استغل فيها هذه الارض دون وجه حق. إن لم يتعاون معي قد اضطر لرواية قصة البول تلك!

أما قضية بيع حطب أرض متنازع عليها فهذه قضية جنائية، انها سرقة في وضح النهار واذا لم يستطع مدير الشرطة حل هذه المشكلة فما فائدة وجوده هنا، ليس لدينا مشاكل كثيرة في هذه القرية لا يوجد لصوص سوي لص واحد تقاعد عن عمله بسبب الشيخوخة وبسبب فقدان أسنانه في حادث نهري. لا تتشاجر النسوة هنا لأن معظمهن مسنات،فقدن الرغبة في الشجار، يقضين معظم الوقت في النوم وفي وضع السعوط في أفواههن، يمارسن فقط أحيانا بسبب الملل، نميمة طيبة يستعدن فيها ذكري بعض الشجارات العادية في القرية. من يريد أن يشرب الخمر يغلق باب بيته عليه فلماذا يجب أن يكون هنا رجال شرطة يجب أن ندعوهم بين الحين والاخر لتناول الطعام لأن واجب الضيافة يفرض علينا ذلك.

ان كانوا لا يستطيعون منع بيع غابة صغيرة فلماذا يبقون؟ باستطاعتي ان أجعل أخر لص في القرية يوقع علي تعهد بعدم العودة للسرقة ان رحل رجال الشرطة حتي وان شعر بالجوع، انه رجل طيب أثق في تعهده، لو أنه جاء الي المدرسة لما تعلم السرقة وربما لاصبح رجل شرطة هو نفسه، يستطيع اللصوص معرفة بعضهم البعض!.

يضحك بصوته الجهوري ويقول: سيخطئ ذلك الشاب الذي اصبح مديرا للشرطة، اعرف رجلا في رتبة اللواء، كان أحد افضل تلاميذي، سأخبره بالامر وعندها سيجد مديرنا نفسه في الصحراء، أكرر الصحراء، بعض البؤساء يفيدهم البقاء هناك، لن تجد احدا يكلمك، تضطر ان تكلم نفسك، تتأمل العالم،وتحصي النجوم،ومهربي الابل الذين لا تستطيع القاء القبض عليهم،إنهم مسلحين جيدا بأسلحة حديثة وليس مثل هذه البنادق القديمة التي ورثتها حكومتناعن الانجليز، حين تكون وحيدا في الصحراء، هناك ايضا فوائد، تهبط عليك حكمة لن تجدها ولو بقيت مائة عام وسط الاخرين، سيكون محظوظا، لكنه سيفتقد الغذاء الجيد وسهرات الشراب السرية، لا يوجد في الصحراء من يصنع الخمور حتي يذهب رجال الشرطة لمصادرتها واستخدامها لأنفسهم. بإمكانه ايضا تعلم صناعة الخمور البلدية بنفسه، الامر بسيط للغاية، كنا نفعل ذلك قبل سنوات حين كنا نعمل في مدرسة نائية، صممنا بأنفسنا جهاز تقطير بدائي لكنه فعال، أذكر صديقي الذي صمم الجهاز، كان ذلك باعترافه العمل الوحيد المفيد الذي قام به طوال حياته، كان أحدنا يذهب الي سوق القرية الاسبوعي مرة في الشهر لشراء بلح الجاو الرخيص السعر، لكن طعمه ردئ، كأنك تأكل قطعة خشب معطونة في الصمغ، لكنه جيد لصناعة الخمر، يحضر لنا الصبية الماء بالبرميل من النهر، نهاية العام اكتشفنا، اننا شربنا عشرين برميلا من الخمر الردئ!

يقاطعه أحد الجيران هامسا: أنظر من جاء هناك، انه مدير الشرطة!.

مدير الشرطة، وهب ابو الحسين واقفا كمن لدغته عقرب مناديا علي ولده، أحضر كرسي يا ولد لمدير االشرطة، لا يصح ان يجلس معنا علي الارض، هؤلاء الرجال يشقون طوال اليوم لحفظ الأمن فكيف نجعلهم يجلسون علي الارض. أجلس يا سيدي، زيارتك مثل وجودك في هذه القرية أشياء تسعدنا، أنظر لقد هجر كل اللصوص القرية بفضل جهدك، لم يبق سوي واحد فقد حتي أسنانه ولم يعد مصدر خوف، لولا وجودك يا سيدي لحضر مزيد من اللصوص، هذه احدي مشاكل طريق الاسفلت هذا، انه دعوة للصوص للتجول بسهولة من مكان الي اخر.

أحضر القهوة يا ولد، وأخبرهم أن يجهزوا طعام غداء يليق بمدير الشرطة، أجلس يا سيدي:

لكن مدير الشرطة رفض ان يجلس قال انه مشغول ويريد فقط اخطار ابو الحسن انه اتفق مع جاره أن يتنازل له عن نصف الحطب الذي قطعه من الغابة في الارض المتنازع عليها.

انها العدالة بعينها يا سيدي، ويضحك بصوته الاجش، أنظر لولا وجودك في هذه القرية لما حصلت علي عود واحد من هذه الغابة وانا الذي اعيش بمعاش قليل بعد أن علّمت الاف التلاميذ، بعضهم يعمل الان مدرسين وبعضهم في مصلحة الغابات. لنحيي هذا الرجل يا اخواني لولا وجوده لاصبح عدد اللصوص في هذه القرية ضعف عدد الاخرين، ولتشاجر اللصوص حول من يسرق فلان.

مضي رجل الشرطة في طريقه يخطوات نشيطة وواثقة، علق احد الجيران قائلا: لا يبدو كشخص يسير الي الصحراء!.

وقال جار اخر: تعجبني خطواته النشيطة المستقيمة كأنه عود من الخشب، أشعر بالحسرة منذ ان اصابتني الام الظهر لم أعد استطيع المشي الا بعكاز!

قال ابو الحسن: هل تشكو من الام في ظهرك، سأخبر أحدهم ليساعدك، أعرف طبيبا متخصصا في العظام، كان أحد تلاميذي، كان مهملا في منظره يرتدي دائما ملابس قذرة وينتعل حذاء مثقوبا، لكنه كان جيدا في الحساب، كان سيئا في المواد الاخري حتي انني دهشت كيف تمكن ان يصبح طبيبا، لابد أن أحد معارفه ساعده في ذلك
....

Geen opmerkingen:

Een reactie posten